العصر القوطي
وظهرت بعد ذلك اتجاهات جديدة في الفن والفكر، أصبحت تعرف باسم "المذهب القوطي" ويناظره في الموسيقى ظهور "البوليفونيه" أي تعدد الألحان التي تسمع في آنٍ واحد، وهو فصل من أهم فصول الموسيقى العالمية.
كان ذلك حوالي عام 1000 عندما ظهرت البوليفونية في شكلها البدائي الأول إلا أنها فتحت أمام فن التأليف آفاقًا جديدة ما زالت بالغة الأثر إلى يومنا هذا، وكان منبعها الكنيسة الكاثوليكية والقوى الروحية التي كانت قائمة في الفترة ما بين 1100 و 1400م.
في ذلك العصر كانت العلوم والمعارف تضع الحساب والهندسة والفلك والموسيقى ضمن علوم الرياضة، وبالرغم من أن الصلة الوثيقة بين الموسيقى والرياضة لا تبدو ظاهرة في العادة فإنها تتكشف عند دراسة علم السمعيات "اكوستيك".
وفي القرنين الثاني والثالث عشر تمكنت المدرسة الباريسية من إبداع الموتيت”motet” الفرنسي بشكله القوطي الذي تعتمد فكرته على ابتكار لَحْنَين مختلفين لكل منهما مسار مختلف تمامًا عن الآخر، ولكنهما يتحركان على أساس لحني ثالث ثابت.
وسمي هذا الأسلوب "كانتوس فيرموس" وكان من الواجب أن يتبع أحد أوزان عروض الشعر الكلاسيكي القديم.
كانت هذه مرحلة من مراحل تطور علم البوليفوني، وعلى الرغم مما فيها من جرأة وغرابة فإنها افتقرت إلى النضج في نواحي تقنية الصنعة نفسها.
غير أنها كانت محاولة للجمع بين صرامة الألحان الكنسية القديمة وعناصر لحنية مستمدة من سحر أغاني عهد الفروسية العاطفية.